نحو مدرسة مغربية متجددة
تتبوأ المدرسة مكانة أساسية في المجتمع، باعتبارها فضاء للتنشئة السليمة و محركا من محركات التنمية الاقتصادية و البشرية، إذ يناط بها تزويد المجتمع بالكفاءات و المؤهلات القادرة على تحمل المسؤولية في شتى الميادين، فهي بذلك تعد مشتلا لتكوين و تأطير مواطني الغد فكريا و ثقافيا و اجتماعيا .
غير أن المدرسة المغربية تعرف مجموعة من الإكراهات و المعيقات التي تؤثر سلبا على أدائها و تحد من فعاليتها ،الشيء الذي يؤثر على صورتها و مصداقيتها فتصبح بذلك مدعاة للنفور ورمزا للفشل و الإحباط.
فما هي الأسباب التي تجعل المتعلم ينفرمن المدرسة بدل أن يقبل عليها بحب ؟
يلج المتعلم المدرسة لأول مرة و هو يحمل في ذهنه مجموعة من التصورات و الأفكار يكون لها بالغ الأثر على مساره التعليمي ،تصورات تشكلت بالأساس من خلال نظرة المجتمع ( الأسرة و الأقران و الإعلام) للمدرسة ، مما يجعل المدرسة مطالبة بمحو أي صورة سلبية حولها من خلال الانفتاح على محيطها و إشراك كل الفاعلين و مختلف المتدخلين في تدبير شؤونها.
تعرف المدرسة المغربية بعض الممارسات التربوية التي لم تعد مواكبة لروح التجديد و التحديث الذي أريد للمدرسة العصرية، إذ مازال الاهتمام بتبليغ المحتوى يطغى على سير العملية التعليمية في الوقت الذي ينادي فيه الكل بالاهتمام بحاجيات المتعلم و ميولاته و اهتماماته المعرفية و النفسية و الوجدانية و الذي يجب أن ينعكس على اختيارات المدرسين البيداغوجية و الديداكتيكية و التنشيطية .والتي تجعل المتعلم في قلب الاهتمام من خلال إشراكه الفعلي في مختلف مراحل التعلم و منحه فرصة التعبير عن نفسه.
تعرف بعض المؤسسات التربوية إهمالا على مستوى الاهتمام بفضاءاتها من حجرات دراسية و مرافق صحية و ملاعب رياضية وعوض أن يعيش المتعلم حياة التلمذة و يستمتع بها و يتعلم قيم الجمال التي تهذب ذوقه ، يصبح أمام واقع مزر يساهم في تنامي قيم الانحطاط ويغذي ثقافة العنف و اللا مسؤولية
بعض الحلول الكفيلة بتحسين صورة المدرسة وجعلها وجهة للإقبال لا النفور
- الاهتمام بجودة الحياة المدرسية بحيث تصبح المدرسة مجالا لممارسة قيم الديمقراطية و التشبع بقيم المواطنة الصالحة من خلال الاهتمام بالأنشطة التي تلبي احتياجات المتعلمين المعرفية و النفسية و العلائقية .
- إشراك المتعلمين في كل مناح الحياة المدرسية على مستوى التفكير و التسيير و التدبير
- الاهتمام بالتعلم الذاتي الذي يمنح المتعلم مجالا من الحرية في اختيار مسارات التعلم التي تناسب إيقاعه في التعلم.
- تنويع فضاءات التعلم.
- انفتاح المدرسة على محيطها القريب و البعيد و إشراك جمعيات الآباء وباقي الشركاء في تدبير المؤسسة و البحث في طرق و وسائل الرفع من مرد وديتها.
- ايلاء أهمية للأنشطة الموازية و الأندية التربوية و مختلف الممارسات التي تسمح للمتعلم بالخروج من فضاءات التعلم التقليدية إلى فضاءات رحبة تحفز على الإبداع وتفتيق الملكات.
- الإعتناء بفضاءات المدرسة و مرافقها المختلفة و الحفاظ على جماليتها.
إن خلق مدرسة تحترم خصوصيات المتعلمين، تلبي احتياجاتهم، وتكون امتدادا لمحيطهم الاجتماعي و الثقافي هو السبيل لتجاوز النظرة السلبية القائمة حول المدرسة المغربية.